يعني التحقيق في مفهومه العام التحري والتدقيق في البحث عن شيء ما في سبيل التأكد من وجوده ، أو السعي للكشف عن غموض واقعة معينة ، وينبغي لذلك استعمال طرق ووسائل محددة كفلها القانون لإجراء التحقيق ، والتحقيق سواء تولته في البداية الجهة الرئاسية بأجهزتها المختلفة هو عملية استقصاء يستهدف كشف الحقيقة في كنف قاعدة أساسية تستقى منها الجزئيات والتفاصيل حتى يكون للتحقيق الإداري كل مقومات التحقيق القانوني الصحيح وكفالته وضمانته من حيث وجوب استدعاء الموظف وسؤاله ومواجهته بما هو منسوب اليه هذا وتمكينه من الدفاع عن نفسه وإتاحة الفرصة أمامه لمناقشة شهود الإثبات او شهود النفي .
وان كانت إجراءات التحقيق تشكل جزءاً من مراحل الاستقصاء والاستجواب الذي يقدم عليه المحقق القانونى لإجلاء قضية معينة ، لما تتبعه من بيان معلومات مطلوبة من الموظف موضع التحقيق ، وإعطاء الأجوبة للأسئلة الموجهة اليه إلا انها تبقى إجراءات تعوزها أصول وضمانات تكمن في ضمان احترام حقوق الدفاع 00 ويجب ان يكون للتحقيق الإداري كل مقومات التحقيق القانوني الصحيح وكفالاته وضماناته من حيث وجوب استدعاء الموظف وسؤاله ومواجهته بما هو مأخوذ عليه ، وتمكينه من الدفاع عن نفسه وإتاحة الفرصة له لمناقشة شهود الإثبات وسماع من يريد استشهادهم من شهود النفي وغير ذلك من مقتضيات الدفاع فإذا خلا التحقيق الإداري من هذه المقومات، فلا يمكن وصفه بانه تحقيق بالمعنى المقصود للكلمة ، ويترتب على مخالفة حقوق الدفاع بطلان التحقيق00 اجراءات التحقيق :
1- : الإحالة إلى التحقيق : تعد الإحالة إلى التحقيق من الشكليات الجوهرية ومنها تبدأ إجراءات التحقيق للكشف عن حقيقة التهمة المنسوبة إلى الموظف المخالف وتوقيع الجزاء التأديبي عليه ، فهي تعتبر ضمانة للموظف المخالف حتى لا يفاجأ بدون مقدمات بإحالته إلى التحقيق لما في ذلك من أضرار معنوية وأدبية ، والإحالة إلى التحقيق تكون بموجب قرار إداري أو مذكرة صادرة من صاحب الصلاحية المختص بالتأديب في الجهة الإدارية أو من يفوضه.
تنويه : يتعين اتخاذ جانب الحرص عند الإحالة إلى التحقيق بحيث:
• ينبغي ألا يكون التحقيق قائماً على شبهة أو نكاية أو عداوة.
• ينبغي عدم التهاون في الإحالة إلى التحقيق حتى لا يؤدي ذلك إلى التسيب ومكافأة المخالف.
2- استدعاء الموظف المخالف للتحقيق معه: هو إجراء يكلف به المحقق الموظف المخالف بالحضور في المكان والزمان المحددين بالاستدعاء لسؤاله عما هو منسوب إليه أو لاستجوابه أو مواجهته بغيره من المتهمين أو الشهود ، وينبغي أن يتضمن الاستدعاء اسم الموظف المخالف ولقبه ووظيفته ومحل إقامته وتوقيع من أصدره، فضلاً عن اشتماله على الزمان والمكان اللذين يحضر فيهما.
3- دراسة الأوراق: يجب على المحقق قبل البدء في التحقيق أن يقوم بدراسة كل أوراق القضية وأركانها وكل ما يتعلق بها لكي يتمكن من تحديد نوعية المخالفة المطلوب التحقيق فيها ولمعرفة اختصاص وطبيعة عمل الموظف المخالف.
الإجراءات التي ينبغي مراعاتها أثناء التحقيق:
1- وجوب بداية التحقيق بمواجهة الموظف المخالف بالتهمة المنسوبة إليه وإحاطته بوضوح أنه بصدد تحقيق رسمي معه بشأن هذه التهمة وإفهامه أن ذلك يؤدي إلى توقيع عقوبة تأديبية عليه في حالة الإدانة00
2- استجواب الموظف المخالف بأن توضح له جميع تفاصيل المخالفة المنسوبة إليه ومجابهته بالأدلة المختلفة القائمة ضده ومناقشته فيها تفصيلياً ومطالبة المتهم بالرد على ما هو منسوب إليه من وقائع وأدلة اتهام، وتمكينه من الدفاع عن نفسه من خلال طلب الشهود والمستندات وخلافه التي تؤيد براءته.
3- سماع شهود الإثبات ومواجهة المخالف لهم إذا رأى المحقق ضرورة لهذه المواجهة وإثبات كل ذلك في محاضر التحقيق.
4- سماع شهود النفي الذين يطلب المخالف سماع شهادتهم مع التأكيد على حرية المحقق في تحديد الشهود الذين يستمع إليهم ولكن بالقدر الذي لا يهدر حق الموظف في الدفاع عن نفسه.
5- الاطلاع على الأوراق والمستندات المتعلقة بالمخالفة محل التحقيق وإرفاق صورها بمحاضر التحقيق.
6-وجوب اتخاذ إجراءات التحقيق في حضور الموظف الذي يجري التحقيق معه.
7- مواجهة الموظف في نهاية التحقيق بجميع الأدلة والقرائن القائمة ضده ومطالبته بالرد على كل منها على حدة.
8- أن يقتصر التحقيق في الأمور المباشرة المتصلة بالتهمة والكاشفة عن حقيقتها.
أسلوب توجيه الأسئلة : يتعين على المحقق مراعاة النقاط التالية في طرح الأسئلة لضمان كشف الحقيقة:
1. أن تكون الأسئلة الموجهة إلى المخالف مباشرة لكي يفهم السؤال ويتمكن من الإجابة عنه بوضوح.
2. ألا يكون السؤال الموجه مما يتوقع أن تكون إجابته طويلة، لأن صياغة الأسئلة يجب أن تكون مختصرة وكذلك الإجابة عنها.
3. الابتعاد عن الأسئلة التي تكون الإجابة عنها بنعم أو لا فلا تبدأ الأسئلة بعبارة ( هل) فهذه الأسئلة تخصصية أو حصرية لأنها تحصر المخالف بالإجابة بنعم أو لا ، وفضلاً عن ذلك يستحسن أن تبدأ الأسئلة ب(لماذا، كيف، متى، أين) لأن تلك الأسئلة تفتح الآفاق أمام المتهم نحو الإجابة مما تكون سبباً للوصول إلى الحقيقة بالطرق المشروعة.
4. يفضل طرح السؤال شفاهة وتسمع الإجابة ثم يدون المحقق أو كاتب التحقيق السؤال والجواب.
5. يفضل أن تكون الأسئلة مترابطة ومتماسكة بعضها ببعض مع مراعاة التدرج في الموضوع.
6. يفضل عدم مقاطعة المخالف فيما يدلي من إجابة ما لم يخرج عن موضوع السؤال حتى تكون الوقائع والأحداث التي يدلي بها مرتبة ومنتظمة.
صفـات المحقق الإداري : ينبغي أن تتوافر في المحقق العديد من الصفات لأجل ضمان سلامة إجراءات التحقيق. ومن أهمها ما يلي:
1. الدراية والخبرة بشئون التحقيق وأن يكون مؤمناً برسالته في استظهار الحقيقة وتحقيق العدالة باعتبارهما الغاية والهدف المنشود من التحقيق.
2. يجب على المحقق أن يتصف بحسن الخلق، واحترام الذات وقوة الشخصية وحسن المظهر وسمو الشعور و إدراك أهمية وجدية التحقيق حتى يكتسب ثقة أطراف التحقيق ويرسخ اعتقاده في سلامة إجراءاته00
3. على المحقق أن يلتزم بضبط النفس أثناء مباشرته التحقيق وأن يكون حليماً لا يستسلم للغضب أو الغيظ أو لسيطرة الغرائز لأنه إذا كان غير ذلك فإنه لن يتمكن من اكتشاف الحقيقة وقد يؤدي به انفعاله إلى تبرئة مجرم أو إدانة بريء.
4. يجب أن يتصف بالذكاء والفطنة وسرعة البديهة وقوة الملاحظة والذاكرة والبعد عن الغلط والسهو حتى لا يكون عالة على التحقيق.
5. يجب عليه الالتزام بالحيدة والبعد عن المؤثرات والميول إلى قد تؤثر سلباً في مجريات التحقيق.
6. يجب عليه الالتزام بالأصول المرعية في مسائل التحقيق وأن يعي أن مهمة التحقيق أمانة في عنقه، فإن أحسن القيام بها كان ذلك مدعاة لإظهار الحقيقة وتحقيق العدالة والعكس صحيح.
7. يجب أن يكون واعياً ومدركاً لأهمية التحقيق وملماً بأصوله وإجراءاته التي تقررها الأنظمة واللوائح وأن يعمل على تنمية مهاراته وتطويرها في هذا الجانب والاطلاع على كل ما يستجد من كتب ودوريات قانونية ومبادئ عامة أقرها ديوان المظالم فضلاً عن الاحتكاك بالمحققين الأكثر خبرة في هذا المجال للاستفادة منهم.
8. الابتعاد عن الوعود التي لا يملك المحقق إمكانية تحقيقها وكذلك الابتعاد عن تضليل المتهم أو إيهامه أو التغرير به بقصد الحصول على اعتراف معين.
9. لا يجوز أن يتولى التحقيق في القضية من يتصل بأحد أطرافها بصلة القرابة أو النسب حتى الدرجة الرابعة.
وسائـل إثبات المخالفات التأديبيـة : للمحقق السلطة التقديرية في تقدير أهمية وقوة الدليل في كشف الحقيقة ، ونظراً لتعدد أدلة الإثبات نذكر منها ما يلي:
1- الاعتراف :هو إقرار الموظف المتهم على نفسه بارتكاب الفعل المكون للمخالفة التأديبية كلها أو جزء منها، وشروط صحته:
أ- الأهلية الإجرائية للمعترف وتقوم على عنصرين:
- أن يكون هذا الشخص متهماً بارتكاب الجريمة أو المخالفة التي يعترف بها.
- أن يتوافر لديه الإدراك والتمييز وقت الإدلاء بهذا الاعتراف .
ب- الإرادة الحرة : وتقتضي استبعاد كل وسائل التأثير المختلفة لحمل الموظف المتهم على الاعتراف مثل:
• الإكراه00
• خداع المخالف 00
• الوعد.
ج- الصراحة والوضوح .
2- حجية الاعتراف :تتمتع الجهة المختصة بالتأديب بسلطة تقديرية في تقدير قيمة الاعتراف ومن ثم الأخذ به أو طرحه ، وهي ليست ملزمة في حال اعتراف المتهم بالتهمة المنسوبة إليه باستصدار قرار الإدانة ، وإنما ينبغي عليها التحقق من توافر شروط صحته.
هذا هو التحقيق الإدارى الصحيح واذا لم يلتزم المحقق القانونى بهذه الإجراءات يكون قد ارتكب مخالفة جسيمه وصارخة لأحكام القانون ويكون قد خرج على مقتضى الواجب الوظيفى المنوط له قانونا ـ بالاضافة انه يكون قد اساء الى مهنته التى من واجباتها الأساسية العدالة وتحرى الدقة للوصول الى الحقيقة المجردة وليس بهدف توقيع الجزاءات فقط والإضرار بالعاملين ، وان يكون لهم مرشدا وناصحا امينا ـ وليس متصيدا للأخطاء او تلفيق الإخطاء