الملتقى القانونى
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
الملتقى القانونى

منتدى شامل استشارى لكل الامور القانونية والاجتماعية


أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم, أنت لم تقم بتسجيل الدخول بعد! يشرفنا أن تقوم بالدخول أو التسجيل إذا رغبت بالمشاركة في المنتدى

حق الإنسان في العدالة الجنائية في المعاهدات والمواثيق الدولية

اذهب الى الأسفل  رسالة [صفحة 1 من اصل 1]

الأستاذ / رجب الامام

الأستاذ / رجب الامام
Admin


حق الإنسان في العدالة الجنائية في المعاهدات والمواثيق الدولية



لاشك في أن حقوق الإنسان – الفردية والجماعية – تصب جميعاً في مصلحة الإنسان الفرد ، غير أن هناك حقاً مميزاً يهدف إلى حمايته من صور تعسف السلطات العامة ومن يمثلها حين تتوجه إليه هذه السلطات بالاتهام عن أي فعل ، أو حين يعاقب عن فعل ثبت اقترافه إياه ، ويطلق على هذا الحق الذي يتخذ مظاهر عدة (الحق في العدالة) . ويهمنا في هذه الدراسة التركيز على جانب مهم من هذا الحق يتمثل في العدالة الجنائية التي تمس بشكل مباشر كرامة الإنسان وآدميته وسلامته .
وتشتمل مظاهر هذا الحق – التي يمكن تسميتها الحقوق الفرعية المنضوية تحته – على : عدم جواز القبض على الإنسان بصورة تعسفية ، وحق الإنسان في المحاكمة النزيهة العادلة ، ومعاملة السجين معاملة لائقة ، وعدم تعذيب المحبوسين .
ونتناول فيما يلي هذه المظاهر أو الحقوق الفرعية تباعاً .
منع القبض التعسفي
ينطلق هذا الحق من احترام حرية الإنسان وضرورة عدم تقييدها إلاّ في حدود قانون عادل (1) ، فلقد أقرت المواثيق الدولية – ومن قبلها الديانات السماوية – حق الإنسان في أن يعيش حراً ، إذ أكدت المادة الأولى من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان أن جميع الناس يولدون أحرارا ، وأكدت مادته الثالثة أن لكل فرد الحق في الحرية ، ومنعت مادته التاسعة القبض على أي إنسان أو حجزه أو نفيه تعسفاً ، وأقرت المادة التاسعة من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية حق كل فرد في الحرية ومنعت القبض على أي فرد بشكل تعسفي أو حرمانه من حريته إلاّ على أساس من القانون وطبقاً للإجراءات المقررة فيه ؛ ونصت المادة العشرون من الإعلان الإسلامي لحقوق الإنسان على عدم جواز القبض على إنسان أو تقييد حريته بغير موجب شرعي (2) ، وأكدت توصية صدرت عن لجنة حقوق الإنسان بالأمم المتحدة في عام 1982 أنّ من واجب المشرع في كل دولة أن يوضح الأسبـــاب التي يجوز على أساسها اعتقال الأشخاص ، وأن من واجب السلطات المختصة تبليغ المتهم تحريرياً بأسباب اعتقاله وزيارة المتهم من قبل محام خلال أربع وعشرين ساعة من الاعتقال ، وطبيب خلال ثمان وأربعين ساعة (3) .
ويلاحظ أن تنامي القضاء الجنائي الدولي جعله يمتد ليشمل المعاقبة على القبض التعسفي في حالة الحرب ، إذا أدرجت المادة (Cool من نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية أفعال الحبس غير المشروع وأخذ الرهائن ضمن جرائم الحرب .

الحق في محاكمة عادلة
لا يكفي منع القبض على الإنسان بصورة تعسفية لتحقيق العدالة وضمان احترام حرمة الشخص ، فإذا تحقق احترام القانون عند القبض على شخص والتحقيق معه ، ووجدت سلطة التحقيق أن الأدلة تكفي لمحاكمته ، فإنه يكون عند ذاك أمام المرحلة الأهم والأكثر خطورة ، فمن شأن المحاكمة أن تفضي إلى الحكم عليه بعقوبة سالبة للحرية ، كما قد تؤدي إلى الحكم ببراءته أو الأفراج عنه ، ولكل واحدة من هذه الحالات أهميتها وآثارها على الشخص المتهم ذاته ، وربما على أشخاص آخرين ، وعلى الهيئة الاجتماعية برمتها .
وقد ورد النص على الحق في المحاكمة العادلة في جملة مواثيق ، من أبرزها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي نصت المادة العاشرة منه على حق كل إنسان ، على قدم المساواة التامة مع الآخرين ، في أن تنظر قضيته أمام محكمة مستقلة نزيهة نظراً عادلاً علنياً للفصل في حقوقه والتزاماته وأية تهمة جنائية توجه إليه ، كما نص العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية في الفقرة الثالثة من مادته التاسعة على حق المقبوض عليه أو الموقوف في أن يقدم إلى المحاكمة خلال زمن معقول ، ونص في مادته الرابعة عشرة على حق كل فرد ، عند النظر في أية تهمة جنائية ضده أو في حقوقه والتزاماته ، في محاكمة عادلة وعلنية بواسطة محكمة مختصة وحيادية قائمة إستناداً إلى القانون .
وإذا كانت المحاكمة العادلة حقاً معترفاً به للإنسان ، فما هي الأسس التي تقوم عليها المحاكمة لكي تكون عادلة ؟
للإجابة عن هذا السؤال المهم إستقر الفقه القانوني على وجوب توفر الأسس التالية لضمان عدالة المحاكمة :
أولاً : اعتبار البراءة هي الأصل في الإنسان :
يستند مبدأ افتراض براءة الإنسان في الأساس إلى الطبيعة الإنسانية والاجتماعية ، فالإنسان يولد وذمته بريئة من كل مسؤولية جنائية ومدنية ، ولذلك كانت البراءة هي الأصل ، أمّا ما قد يطرأ خلال حياة الإنسان من أفعال تجعله مسؤولاً عنها فيظلّ إستثناءً يجب إثبات طروئه على ذلك الأصل.
ولقد أقرت الشريعة الإسلامية هذه القاعدة ، فقد قال الرسول صلى الله عليه وسلّم : « كل أمتي معافى إلاّ المجاهرين « ، وأضحت قاعدة افتراض البراءة مبدأ مستقراً في القوانين المنظمة لقواعد الإجراءات والإثبات ، وأخذت طريقها إلى كثير من الدساتيـــر ، ومنها منع القبض على الإنسان بغير موجب ، الذي سبق التعرض له ، ومنها كذلك تفسير الشك لمصلحة المتهم على أساس أن إدانة المتهم بجريمة هي استثناء على الأصل العام وهو البراءة ، فينبغي والحالة هذه أن يكون هذا الاستثناء واضحاً وأكيداً .
ثانياً : المساواة أمام القضاء :
لا يمكن أن نتخيل محاكمة عادلة تميل فيها الكفة لصالح خصم على حساب خصمه ، سواء أكان هذا الميل لخلل في نصوص القانون أم بسبب محاباة القضاء ، ولذلك فإن المساواة في التعامل القضائي مع الخصوم عامل جوهري في الوصول إلى العدالة .
ولقد كان للمساواة أمام القضاء نصيب كبير من عناية الشريعة الإسلامية ، وهي مساواة مستمدة من مساواة الشريعة بين الناس في مجال التجريم والعقاب (4) ، فكان منطقياً أن تنسحب هذه المساواة على سيرة الصحابة الإجلاء . ومن الأمثلة الناصعة قصة الأمام علي بن أبي طالب عليه السلام في خصومته مع نصراني على درع أمام القاضي شريح حين إدعى الأمام أن النصراني سرق درعه ، ثم عجز عن تقديم الدليل فحكم القاضي بالدرع للنصراني (5) .
وقد تضمن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان مبدأ مساواة الأشخاص في حق اللجوء إلى القضاء في مادته الثامنة ، إضافة إلى المبدأ العام الذي تضمنته مادته الثانية وهو حق كل إنسان في التمتع بكل الحقوق الواردة في الإعلان دونما تمييز بينه وبين الآخرين .
ثالثاً : حق الإنسان في المثول أمام القضاء العادي (الطبيعي ) :
إذا كان القضاء أداة تحقيق العدالة ، فإنه يجب أن يكون مؤهلاً ومختصاً ومعتمداً على الإجراءات القانونية التي توفّر ضمانات العدالة .
وقد تضمن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان إشارات عامة إلى هذا الموضوع بوصف المحكمة التي يجب أن يحاكم أمامها الشخص بأنها (مستقلة نزيهة) ، وذلك في مادته العاشرة ، فيما أوجب في المادة الحادية عشرة أن تتوفر في المحاكمة التي تجريها المحكمة الضمانات الضرورية للدفاع عنه .
واعتمد مؤتمر الأمم المتحدة السابع لمنع الجريمة ومعاملة المجرمين المنعقد في ميلانو عام 1985 جملة شروط للقضاء العادي العادل ، وأقرت الجمعية العامة للأمم المتحدة هذه الشروط في ذات العام ، وهي تتلخص فيما يلي :
1. استقلال السلطة القضائية ، وواجب الدولة في حماية هذا الاستقلال والنص عليه دستورياً ، وتأمين احترام مؤسسات الدولة له .
2. فصل السلطة القضائية في القضايا المعروضة عليها دون انحياز ، على أساس الواقع ووفقاً للقانون ، ودون تقييدات أو تأثيرات غير سليمة .
3. منح السلطة القضائية الولاية على جميع المسائل ذات الطابع القضائي ، وانفرادها بسلطة البت في كونها مختصة أو غير مختصة بالنظر في القضية المعروضة .
4. منع أية تدخلات لا مبرر لها في الإجراءات القضائية ، وعدم إخضاع الأحكام القضائية لأعادة النظر ، وذلك دون الإخلال بإعادة النظر القضائية ، أو قيام السلطة المختصة وفقاً للقانون بتخفيف أو تعديل الأحكام وفق القانون .
5. محاكمة الأفراد أمام المحاكم العادية أو الهيئات التي تطبق الإجراءات القانونية المقررة ، وعدم جواز تشكيل هيئات قضائية لا تطبق هذه الإجراءات .
6. ضمان سير الإجراءات القضائية بعدالة ، واحترام حقوق الأطراف .
7. مسؤولية كل دولة في توفير الموارد الكافية لتمكين السلطة القضائية من أداء واجبها .
8. اختيار القضاة من ذوي النزاهة والكفاءة والمؤهلين تأهيلاً مناسباً في القانون ، دون أن يخضع اختيارهم للتمييز على أساس العنصر أو اللون أو الجنس أو الدين أو الآراء السياسية أو المنشأ القومي أو الاجتماعي أو الملكية أو الميلاد أو المركز .
9. ضمان أمن القضاة وحصولهم على أجر مناسب وشروط خدمة وحقوق تقاعدية مناسبة .
10. عدم خضوع القضاة للعزل إلى حين بلوغهم سن التقاعد الإلزامية أو انتهاء المدة المقررة لتوليهم المنصب حين يكون معمولاً بذلك .
11. إستناد ترقية القضاة إلى عوامل موضوعية ، وبخاصة الكفاءة والنزاهة والخبرة .
12. اعتبار توزيع القضايا على القضاة مسألة تخص الإدارة القضائية .
13. إلزام القضاة بالمحافظة على سر المهنة .
14. تمتع القضاة بحصانة شخصية تضمن عدم مطالبتهم بالتعويض النقدي عما يصدر منهم أثناء ممارسة مهامهم القضائية من أفعال غير سليمة أو تقصير ، دون الإخلال بالمسؤولية التأديبية .
15. النظر في الشكاوى ضد القضاة بصفتهم القضائية بصورة مستعجلة وعادلة (6) .
وعند تناول القضاء العادي بوصفه إحدى ضمانات المحاكمة العادلة يثور السؤال عن قضاء غير عادي يأخذ شكل محاكم استثنائية (خاصة كما تسمى أيضاً) ، والمعيار الذي تعتبر المحكمة على أساسه إستثنائية ، ومدى ضرورة تشكيل هذه المحاكم ، وما إذا كانت طبيعتها تسمح لها بتوفير محاكمات عادلة .
وأبتداءً لابد من تأشير أمرين واقعيين :
الأول – أن تشكيل المحاكم الاستثنائية يرتبط في العادة بالظروف الاستثنائية ، كالفترات التي تعقب الانقلابات أو الحروب والاضطرابات وسواها من ظروف غير طبيعية .
الثاني – أن تشكيل هذه المحاكم يكثر في الدول التي تغيب فيها المؤسسات الدستورية الحقيقية، وتبتعد نظمها عن الديمقراطية في الحكم وفي العلاقة بين الحكام والمحكومين . وهذا الأمر ينجم من حقيقة أن مكانة حقوق الإنسان بوجه عام – وعدالة المحكمة أحد هذه الحقوق – تقاس بدرجة الحرية والديمقراطية اللتين يتمتع بهما المواطن في مجتمع من المجتمعات (7) .
وبشأن معايير وصف المحكمة بكونها عادية أو استثنائية (خاصة) برزت معايير متعددة :
المعيار الأول – معيار الاختصاص القاصر :
يذهب هذا المعيار إلى أن المحكمة العادية تكون ذات اختصاص عام وشامل ، وهي بذلك تحمي مصالح الناس جميعاً ، أما المحكمة الخاصة فهي ذات اختصاص قاصر ومحدود يتيح لها حماية مصالح خاصة بطائفة من الناس .
ولا يبدو هذا المعيار مقنعاً ، إذ نجد ضمن القضاء العادي تخصصاً في القضاء يصار إليه لدواعي حسن الأداء وسرعة الإنجاز ، ولذلك تختص بعض المحاكم بنظر نوع محدد من الدعاوى كالدعاوى التي لا تزيد قيمتها على مبلغ معين ، ولا يمكن القول بأن هذه المحاكم خاصة أو استثنائية .
المعيار الثاني – تشكيل المحاكم الخاصة :
ينظر هذا المعيار إلى كيفية تشكيل المحاكم العادية والمحاكم الخاصة ، فيرى أن المحاكم العادية تتشكل من قضاة بالمعنى الفني ، أي ممن تتوفر فيهم شروط التعيين في القضاء التي ينص عليها القانون الذي ينظم السلطة القضائية ، في حين تتشكل المحاكم الخاصة كلياً أو جزئياً من عناصر غير قضائية(Cool.
ويرد على القائلين بهذا المعيار بأن هناك نظماً قانونية يتميز فيها تشكيل بعض أنواع المحاكم بضم أعضاء من غير القضاة ، كتشكيل محاكم الجنايات في فرنسا التي تضم محلفين يزيد عددهم على عدد القضاة في هيئة المحكمة ، والتشكيل الخاص لمحاكم التجارة في فرنسا أيضاً ، حيث يسمى قاضي المحكمة عن طريق الانتخاب من بين التجار .
المعيار الثالث – بساطة إجراءات المحاكم الخاصة :
ويقوم هذا المعيار على النظر إلى طبيعة الإجراءات التي تتبعها المحكمة ، ويرى أن المحكمة الخاصة تتبع إجراءات بسيطة تميل إلى الاختصار .
ويرد على هذا المعيار بأن المحاكم العادية قد تتبع أيضاً إجراءات مبسطة في أدائها لوظيفتها كإجراءات القضاء المستعجل التي تتطلبها بعض الدعاوى حين يكون مرور الزمن ضاراً بمصلحة العدالة .
إن هذه المعايير يمكن أن تكون مرشداً أو قرائن تساعد على تحديد طبيعة المحكمة وما إذا كانت عادية أو خاصة ، وقد يكون بعضها أو كلها دليلاً على عدم تحقق العدالة عند النظر في القضايا (9) .
ونرى أمام صعوبة وضع معيار ثابت لتكييف الوضع القانوني للمحكمة والقول بأنها خاصة أو أنهــا تنتمي إلى القضاء العادي أن ينظر إلى حالة كل محكمة على حدة ، والاستعانة بعوامل عدة أهمها :
التشريع الذي أنشئت بموجبه المحكمة ؛ فالمحكمة التي تنشأ إستناداً إلى قانون السلطة القضائية أدعى ما تكون إلى الوصف بأنها من القضاء العادي ، في حين أن المحكمة التي تنشأ بموجب قانون استثنائي – كقانون الطوارئ المعروف في دول عدة – تدعو إلى وصفها بأنها محكمة خاصة ذات طبيعة استثنائية (10) .
توفر ضمانة الطعن في الأحكام الصادرة عن المحكمة أو عدم توفرها ؛ ذلك أن عدم قابلية الأحكام الصادرة عنها للطعن ، أو إنشاء هيئة خاصة لنظر الطعون فيها يعد سمة واضحة من سمات المحاكم الخاصة .
اعتماد المحكمة – كأساس عام – مبدأ العلانية في المحاكمة ، الذي يعتبر قاعدة أساسية ودستورية في بعض الدول ، ولا يجوز الخروج عليها إلاّ لأسباب محددة (11) .
مضامين المعايير الثلاثة المتقدم عرضها ، من كون اختصاص المحكمة قاصراً أو عاماً ، وصفات رئيس المحكمة وأعضائها ، وما إذا كانت تعتمد إجراءات خاصة أو مبتسرة .
ولعل القضاء أفضل جهة يمكن لها الفصل في كون المحكمة خاصة ، ويكون ذلك يسيراً في الدول التي تشكّل فيها محاكم دستورية ، حيث أن المحكمة الدستورية يمكن أن تذهب إلى ما هو أبعد من تحديد صفة المحكمة وكونها خاصة ، وذلك بالبت في شرعيتها ومدى دستورية إنشائها .
رابعاً – حق الإنسان في معرفة التهم المنسوبة إليه والطلبات الموجهة إليه أمام القضاء :
قد يجد الإنسان نفسه مرغماً على المثول أمام القضاء بناءً على دعــوى خصم له . وهذا الإرغام هو وجه من وجوه حق التقاضي ، فمثلما يتمتع الشخص بحق مقاضاة الغير ، فإن هذا الحق الذي يتمتع به الآخر هو الذي يمكن أن يجر الشخص إلى ساحة القضاء .

وقد يواجه الإنسان في هذه الحالة دعوى جزائية يكون فيها متهماً أمام محكمة جزائية وتكون النيابة العامة خصماً له ممثلة للهيئة الاجتماعية ، وقد يكون إلى جانبها شخص آخر متضرر من الجريمة المنسوبة إلى المتهم ، هو المجني عليه والمشتكي أو المدعى المدني ؛ كما قد يواجه دعوى مدنية يكون فيها مدعى عليه أمام مدع يواجهه بطلباته .
وسواء كانت الدعوى جزائية أو مدنية فإن من حق الإنسان – متهماً أو مدعى عليه – أن يحاط علماً بالوقائع والأدلة والأحكام القانونية التي أسست عليها التهم أو الطلبات ، ويكون ذلك من خلال ورقة التبليغ (الإعلان) التي ينبغي أن تتضمن بيانات مهمة هي :
الجهة التي صدرت عنها ورقة الإعلان ( النيابة العامة ... المحكمة ) .
الأسم الكامل للشخص المطلوب إعلانه ليكون أكيداً أنه هو المقصود .
إسم الخصم في الدعوى .
مذكرة الدعوى (في الدعوى المدنية) .
المادة العقابية التي تحكم الجريمة المنسوبة إلى المتهم (في الدعوى الجزائية) .
اليوم والساعة المحددان للحضور .
وتقضي القوانين الإجرائية في العادة بتحديد مدة – تمثل الحد الأدنى – تفصل ما بين تاريخ الإعلان وموعد الحضور ، ويكون للشخص التمسك بها والطعن بصحة الإعلان على أساسها .
ولا يكون الإعلان قانونياً إلا عند تسليم ورقته إلى المعلن إليه أو إلى شخص يمكن أن ينوب عنه قانوناً في تسلّم الإعلان .
ولما كان الإعلان يجري في أحيان كثيرة في أماكن ذات خصوصية – في مقدمتها المسكن – فيجب احترام هذه الخصوصية فلا يسوغ أن يكون الإعلان سبباً للمساس بحق الإنسان في الحياة الخاصة والراحة ، ولذلك درجت قوانين الإجراءات على عدم السماح بإجراء التبليغ ليلاً وفي أيام العطل إلا في حالات الضرورة التي يعود تقديرها للقضاء .
ولأهمية الإعلان فإنه يكون أساساً في شرعية الإجراءات التي تليه أو عدم شرعيتها ، ويترتب على بطلانه بطلان تلك الإجراءات .
وعلى صعيد مواثيق حقوق الإنسان اكتفى الإعلان العالمي لحقوق الإنسان بنص عام هو نص المادة العاشرة التي منحت كل إنسان الحق في أن تنظر قضيته محكمة مستقلة نزيهة نظراً عادلاً ، دون الدخول في متطلبات المحاكمة العادلة ؛ أما العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية فجاء أكثر تحديداً ، إذ أوجب في الفقرة الثانية من المادة (9) إبلاغ كل شخص بأية تهمة توجه إليه ، كما أوجب في الفقرة (3/أ) من المادة (14) إبلاغ الشخص فوراً وبالتفصيل وبلغة مفهومة لديه بطبيعة وسبب التهمة الموجهة إليه .
خامساً – تمكين الإنسان من ممارسة حقه في الدفاع أمام القضاء :
لا يكفي لضمان العدالة تشريع قانون عادل واختيار قاضٍ كفء وعادل وإجراء محاكمة قانونية إذا لم تضمن هذه المحاكمة للإنسان الحق في الدفاع عن نفسه لإثبات براءته من جريمة منسوبة إليه أو دفع ادعاءات وطلبات المدعي في دعوى مدنية .
ولقد اختلف الفقه في نطاق حق الدفاع ، ودار هذا الاختلاف ضمن مفهومين :
الأول – مفهوم واسع لحق الدفاع يشمل ضمانات التقاضي الأساسية إبتداءً من رفع الدعوى حتى صدور الحكم فيها ، أي علم الخصم بإقامة الدعوى ، وإعلانه بالحضور ، وحق تقديم المذكرات وحياد القاضي ، وعدم قضائه بعلمه الشخصي ، وتسبيب الحكم ، وحق الخصم في الطعن في الحكم ، وحق الخصم الذي صدر الحكم لصالحه في تنفيذه .
الثاني – مفهوم ضيق لحق الدفاع ، يقتصر على الضمانات التي يكفلها المشرع أثناء النظر في الخصومة من احترام مبدأ المواجهة بين الخصوم ، وحق الخصم في تقديم أدلة الإثبات ووسائل الدفاع، وحياد القاضي (12) .
وفي واقع الأمر ، أن أهمية حق الدفاع ، بصفته وسيلة بالغة الأهمية بين الوسائل التي تؤمن محاكمة عادلة ، تستحق تسخير كل القواعد الإجرائية لتمكين أي خصم في دعوى جزائية أو مدنية من إثبات حق أو دفع مطالبة بحق ، ولذلك فإن كل ضمانات التقاضي التي يدعو المفهوم الواسع إلى إدراجها ضمن حق الدفاع تلعب دوراً في توفير الحق للخصم ، الأمر الذي يدعونا إلى الانحياز إلى هذا المفهوم الواسع لحق الدفاع .
ولقد اهتمت الشريعة الإسلامية بضمان حق الدفاع ووردت في ذلك نصوص كثيرة نذكر منها قول الرسول صلى الله عليه وسلم : « إذا جلس بين يديك الخصمان فلا تقضين حتى تسمع من الآخر كما سمعت من الأول ، فإنه أحرى أن يتبين لك القضاء « (13) . وفي هذا الحديث خير تبصير للقاضي بوجوب استنفاد أقوال الخصوم في الدعوى قبل التهيؤ للفصل فيها .
وإذا تأملنا ملامح حق الدفاع في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان نجد أنه تناول هذا الحق بوجهه العام في أحد نصوصه ، ثم عاد في نص آخر وتناوله في مجال الدعوى الجزائية ، ففي المادة العاشرة منه نص على حق الإنسان في أن تنظر محكمة مستقلة نزيهة « في حقوقه والتزاماته ، وأية تهمة جنائية توجّه إليه « ، ثم عاد في الفقرة الأولى من المادة الحادية عشرة فنص على حق الشخص المتهم بجريمة في أن تؤمن له الضمانات الضرورية للدفاع عنه .
ويرتبط حق الدفاع بمبدأ مهم هو (مبدأ المواجهة) الذي يعني وجوب إعلام الخصم بما يدعيه خصمه والأدلة التي يقدمها ، أي تمكينه من الإحاطة بما يحتويه ملف الدعوى (14) ، ذلك أن الخصم لا يتسنى له ممارسة حق الدفاع إذا لم يكن على علم بما قدمه خصمه للمحكمة ، فهو بأمس الحاجة إلى هذا العلم لتأسيس دفاعه ودحض حجج خصمه ومناقشة كل الوقائع التي يقوم عليها ادعاؤه .
معاملة السجين معاملة لائقة
بادئ ذي بدء ، لابد من الإشارة إلى مصطلح (السجين) الذي نتناول معاملته لا يقتصر على المحكوم عليه بعقوبة سالبة للحرية كما يوحي ظاهر المصطلح ، وإنما يشمل كل شخص قيدت حريته بالاعتقال سواء كان متهماً موقوفاً أو محكوماً عليه بعقوبة الحبس أو السجن أو لأي سبب آخر ، غير أن شيوع اصطلاح (معاملة السجناء) واستخدامه بمفهوم واسع هو الذي دعانا إلى استخدامه هنا .
وقد تناول الإعلان العالمي لحقوق الإنسان معاملة السجناء ضمناً ، حيث منع التعذيب وسوء المعاملة والمساس بالكرامة ، وذلك في مادته الخامسة ، وجعل هذا النص شاملاً كل إنسان ، سجيناً كان أو طليقاً .
وقد نال موضوع معاملة السجناء معاملة إنسانية اهتمام الأمم المتحدة ، حيث وضع مؤتمر الأمم المتحدة لمنع الجريمة ومعاملة المجرمين قواعد نموذجية لمعاملة السجناء عند انعقاده في جنيف عام 1955 ، وأقرت هذه القواعد من قبل المجلس الاقتصادي والاجتماعي في 31 يوليو 1957 ، واعتبر المجلس هذه القواعد التي صار يطلق عليها « قواعد الحد الأدنى لمعاملة المذنبين « حداً أدنى للشروط التي تناسب القواعد الإنسانية المقبولة . وأهم هذه القواعد :
وجوب مسك سجل في كل مكان يضم سجناء تدون فيه تفاصيل هوية كل سجين ، وأسباب سجنه والسلطة التي قررت سجنه ، ويوم وساعة دخوله ، ويوم وساعة حلول موعد إطلاق سراحه، وعدم قبول إيداع أي شخص في مؤسسة عقابية دون أمر مشروع .
توفير المتطلبات الصحية في جميع الغرف المهيأة لاستخدام السجناء ، من حيث مساحة الغرفة وتهويتها وإضاءتها ، مع الأخذ بذلك بتغير الظروف المناخية .
توفير مرافق صحية كافية ونظيفة ولائقة .
تهيئة أماكن للاستحمام وتوفير متطلبات النظافة فيها ، بما يمكّن كل سجين من الاستحمام .
تزويد كل سجين بثياب مناسبة وسرير نوم منفرد .
تقديم وجبة طعام في الوقت المعتاد ، تكون ذات قيمة غذائية كافية للحفاظ على صحته وقواه ، وتوفير ماء صالح للشرب بكمية كافية .
تخصيص ساعة على الأقل يومياً يمارس خلالها السجين التمارين الرياضية المناسبة في الهواء الطلق حين يسمح الطقس بذلك .
توفير خدمات طبية يقوم بها على الأقل طبيب واحد ذو إلمام بالطب النفسي ، وطبيب أسنان، على أن توفّر في سجن النساء معدات الرعاية والعلاج قبل الولادة وبعدها ، وضرورة أن لا يذكر في شهادة الميلاد مكان ولادة الطفل الذي تلده السجينة في السجن ، وأن توفر دار حضانة مناسبة لرعاية الأطفال الرضّع .
فحص كل سجين في أقرب وقت ممكن بعد دخوله السجن ، وإعادة فحصه كلما اقتضت الضرورة ، ومعالجته .
قيام الطبيب بمتابعة كمية الغذاء ونوعه وإعداده ، ومدى مراعاة القواعد الصحية في السجن ولدى السجناء ، وحالة المرافق الصحية والإضاءة والتدفئة والتهوية في السجن ، ونوع ونظافة ملابس السجناء ولوازمهم ، ومدى الالتزام بقواعد التربية الرياضية .
حق السجين في إعلام أسرته على الفور باعتقاله أو نقله من سجن إلى آخر .
فصل المتهمين المحبوسين إحتياطياً عن السجناء المحكوم عليهم .
السماح للمتهم المحبوس احتياطياً بارتداء ملابسه الخاصة إن كانت نظيفة ولائقة .
السماح للمتهم المحبوس احتياطياً بالأستعانة بمحام .
السماح للمتهم المحبوس إحتياطياً بشراء الكتب والصحف وأدوات الكتابة ، والوسائل الأخرى المناسبة لقضاء الوقت (15) .
وإذا كانت هذه القواعد تبدو اليوم مقبولة وطبيعية فإنها جاءت حصيلة صراع وكفاح إنساني طويل ، فقد مرت فكرة العقوبة السالبة للحرية والسجن كمكان لتنفيذ هذه العقوبة بأطوار بدائية شهدت بتعاقب العصور تطوراً بطيئاً ، فقد نظرت المجتمعات القديمة إلى المجرم على أنه آثم بحق القوى الروحية والمجتمع ، ثم نشأت فكرة التكفير الديني كأساس للعقوبة ، قبل أن ينتقل الإنسان من الأفكار الخرافية إلى العقل والتأويل الفلسفي العقلي المجرد للجريمة والعقوبة (16) . وكان للديانات السماوية دور كبير وانعطافي في إضفاء اللمسة الإنسانية على التعامل مع المجرمين في إطار قواعد العدالة، ثم التمهيد لظهور المدارس الحديثة القائمة على العلم الحديث والتجارب الاجتماعية والدراسات الواقعية .
وكرس العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية مادته العاشرة لبيان القواعد الواجبة في التعامل مع السجناء والتي تتلخص في :
معاملة جميع الأشخاص المحرومين من حرياتهم معاملة إنسانية مع احترام الكرامة المتأصلة في الإنسان .
فصل الأشخاص المتهمين – إلاّ في الحالات الاستثنائية – عن الأشخاص المحكومين ومعاملتهم منفصلة تتناسب مع مراكزهم كأشخاص غيـــر محكومين ، وفصل المتهمين الأحداث عن المتهمين البالغين ، وتقديمهم للقضاء بأسرع وقت ممكن .
معاملة السجناء ضمن النظام الأصلاحي معاملة تستهدف أساساً إصلاحهم وإعادة تأهيلهم إجتماعياً ، وفصل المذنبين من الأحداث عن المذنبين البالغين ومعاملتهم بما يتناسب مع أعمارهم ومراكزهم القانونية .
تحريم التعذيب
شهد تاريخ الإنسانية صوراً بشعة للتعذيب جرت ممارستها لأسباب ودوافع مختلفة أخذت شكل انتقام أو عقاب ، لا سيما في عهود العبودية والإقطاع . وفي العصر الحديث مورس التعذيب بشكل رئيسي لأغراض التحقيق سعياً إلى انتزاع الاعترافات من المتهمين ، وكذلك للزجر والعقاب ، وما تزال تقارير منظمة العفو الدولية تتضمن تشخيص وقائع كثيرة للتعذيب في دول مختلفة .
ولما رسمته ممارسات التعذيب من صور قاتمة تجرح الضمير الإنساني ، كان من الطبيعي أن يسعى المجتمع الدولي إلى التعاون لترسيخ مبدأ تحريم التعذيب ، فنص الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في المادة (5) منه على منع تعريض أي إنسان للتعذيب ولا للعقوبات أو المعاملات القاسية أو الوحشية أو الحاطة بالكرامة .
وجاء العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية ليقضي في المادة (10) منه بـأن « يعامل جميع الأشخاص المحرومين من حرياتهم معاملة إنسانية مع احترام الكرامة المتأصلة في الإنسان « .
وكان التطور المهم اعتماد الجمعية العامة للأمم المتحدة في ديسمبر من عام 1984 اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو غير الإنسانية أو المهينة التي دخلت طور النفاذ في 26 يونيو 1987 ، حيث حددت المادة الأولى من هذه الاتفاقية مفهوم التعذيب بأنه « أي عمل ينتج عنه ألم أو عذاب شديد ، جسدياً كان أم عقلياً ، يلحق عمداً بشخص ما بقصد الحصول من هذا الشخص ، أو من شخص ثالث على معلومـات أو على اعتراف ، أو معاقبته على عمل أرتكبه أو يشتبه في أنه أرتكبـه هو أو شخص ثالث ، أو تخويفه أو إرغامه هو أو أي شخص ثالث ، أو عندما يلحق مثل هذا الألم أو العذاب لأي سبب من الأسباب يقوم على التمييز أياً كان نوعه ، أو يحرض عليه أو يوافق عليه أو يسكت عنه موظف رسمي أو أي شخص آخر يتصرف بصفته الرسمية . ولا يتضمن ذلك الألم أو العذاب الناشئ فقط عن عقوبات قانونية أو اللازم لهذه العقوبات أو الذي يكون نتيجة عرضية لها “ .
ويعّد هــذا التعريف تطّوراً كبيراً ضمن حقوق الإنسان في مجال تحريم التعذيب ، حيث تمّيز بما يلي :
أنه أخذ بالمفهوم الواسع للتعذيب الذي لا يقتصر على التعذيب الجسدي ، بل يمتد ليشمل التعذيب النفسي الذي ينجم عن إهانة الإنسان بأية صورة تجرح كرامته وإحساسه .
أنه شمل التعذيب الذي يمارس تجاه إنسان من خلال تعريض إنسان آخر تربطه به صلة إنسانية – كالقرابة أو الصداقة – للتعذيب ، كحالة المتهم الذي يرغم على الاعتراف عن طريق تعذيب أبنه أو زوجته أو صديقه مثلاً .
أنه اعتبر التهديد أو التخويف بمثابة تعذيب لأغراض تطبيق الاتفاقية .
أنه أعتبر التعذيب المحرم بموجب الاتفاقية ذلك الذي يصدر عن شخص بصفة رسمية بالفعل المباشر أو بالتحريض عليه ، أو الموافقة عليه ، أو التغاضي عنه .
أنه لم يستثن من صور الأذى من مفهوم التعذيب سوى ما ينشأ عن تنفيذ عقوبات قانونية – كالإرهاق الناجم عن تشغيل المحكـــــوم عليه بالأشغال الشاقة - ، أو ما يكون لازماً لهذه العقوبات – كتعرض السجين لآلام نفسية لمفارقته أسرته ، أو ما يكون نتيجة عرضية لها – كسقوط أحد السجناء أثناء أداء الأشغال الشاقة وإصابته بأذى جسدي - .
وأوجبت المادة (6) من الاتفاقية ملاحقة الشخص المتهم بارتكاب جريمة تعذيب واحتجازه من قبل أية دولة طرف في الاتفاقية ، كما أوجبت عليها مباشرة التحقيق فوراً .
وفي حالة رفض هذه الدولة تسليم المتهم بجريمة التعذيب إذا رأت خضوع الجريمة لاختصاصها القضائي ، أوجبت المادة (7) عليها أن تقوم بمحاكمته .
وقضت المادة (9) بالتزام كل دولة طرف بتقديم أكبر قدر من المساعدة للدول الأطراف الأخرى فيما يتعلق بالإجراءات الجنائية الخاصة بأية جريمة تعذيب .
وألزمت المادة (14) كل دولة طرف بأن تّضمن نظامها القانوني إنصاف من يتعرض لعمل من أعمال التعذيب وتمكّنه من الحصول على تعويض عادل ، ومنح الأشخاص الذين كان يعيلهم الشخص ضحية التعذيب – في حالة وفاته – حق التعويض .
ونصت المادة (17) على إنشاء لجنة لمناهضة التعذيب تنظر – بموجب المادة (19) – في تقارير الدول الأطراف عن التدابير التي اتخذتها لتنفيذ تعهداتها بمقتضى الاتفاقية ، ويكون تقديم هذه التقارير إلى اللجنة عن طريق الأمين العام للأمم المتحدة مرة كل أربع سنوات ، وللجنة أن تدرج في تقريرها السنوي أية ملاحظات تراها ضرورية .
وشهد عام 1978 تطوراً عملياً مهماً حين أنشأت الجمعية العامة للأمم المتحدة بقرار أصدرته في العشرين من ديسمبر من ذلك العام (صندوق الأمم المتحدة للمعذبين) وكان إنشاؤه بادئ الأمر لصالح ضحايا التعذيب في شيلي في عهد (بينوشيه) ، ثم ما لبث أن تحول في عام 1981 إلى صندوق عام لضحايا التعذيب في كل مكان ، وأخذ يتلقى المساهمات المالية ويقوم بتوزيعها على من انتهكت حقوقهم الإنسانية انتهاكاً خطيراً جراء التعذيب (17) .
الهوامش
1. يلاحظ في هذا الصدد أن دراسات القانون الدستوري وأدبياته الحديثة تطّورت في هذا المجال ولم تعد تتكلم عن (دولة القانون) بشكل عام وإنما راحت تتكلم عن (دولة العدالة) . وهذا الاتجاه ينطوي على قدر كبير من الموضوعية ، فمن اليسير – في كثير من الدول – سن تشريعات تأخذ شكل قوانين بالوسائل التشريعية الوطنية وتنطوي على إقرار لمظاهر تعسف ، وبالتالي فهي قوانين – بالمفهوم التشريعي – لكنها لا تحقق العدالة المنشودة .
2. بدأت فكرة الإعلان الإسلامي لحقوق الإنسان في عام 1979 ، ونوقش مشروع الإعلان في ثلاثة عشر مؤتمراً ، منها ثلاثة مؤتمرات قمة إسلامية ، وتمت الموافقة عليه في المؤتمر التاسع عشر لوزراء خارجية دول منظمة المؤتمر الإسلامي في القاهرة عام 1990 . لمراجعة نص الإعلان : أسامة الألفي – حقوق الإنسان وواجباته في الإسلام – دار الوفاء – الإسكندرية – 1999 – ص 77 – 87 .
3. غسان الجندي – القانون الدولي لحقوق الإنسان – مطبعة التوفيق – عمان – 1989 – ص 39 .
4. ليس أدل على هذه المساواة من قول الرسول الكريم صلوات الله وسلامه عليه : « وأيم الله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطع محمد يدها « سنن أبي داود – الجزء الثاني – ص 270 .
5. أحمد السيد صاوي – الوسيط في شرح قانون المرافعات المدنية والتجارية – القاهرة – 1988 – ص 46 .
6. تضمنت الوثيقة مبادئ أخرى لم نوردها هنا لعدم علاقتها بهذا الجانب من البحث . وللرجوع إلى نص الوثيقة : الشافعي محمد بشير – قانون حقوق الإنسان – الإسكندرية – 2004 – ص 240 – 243 .
7. في هذا الموضوع : الطيب البكوش – تأملات في الديمقراطية وحقوق الإنسان – من منشورات المعهد العربي لحقوق الإنسان – تونس – 2004 – ص 170 .
8. محمد عبدالخالق عمر – قانون المرافعات – الجزء الأول – القاهرة – 1978 – ص 39 .
9. محمد مصطفى يونس – الحماية الإجرائية لحقوق الإنسان في القانون القضائي – القاهرة – 2003 – ص 73 .
10. نرى أن مصطلح (المحاكم الاستثنائية) أدق وأكثر تعبيراً عن هذه المحاكم التي تخرج عن نطاق القضاء العادي من مصطلح (المحاكم الخاصة) وإن كان المصطلح الأخير يستخدم مرادفاً للأول ، غير أن شيوع هذا الأخير هو الذي يدعونا إلى استخدامه هنا لذات الغرض .
11. نصت المادة (133) من دستور دولة قطر على أن جلسات المحاكم علنية إلا إذا قررت المحكمة جعلها سرية مراعاة للنظام العام أو الآداب ، وفي جميع الأحوال يكون النطق بالحكم في جلسة علنية . وأكد قانون السلطة القضائية رقم (10) لسنة 2003 هذا المبدأ في المادة (15) منه .
12. محمود مصطفى يونس – المرجع السابق – ص 177 – 178 .
13. رواه أبو داود والترمذي .
14. أحمد أبو الوفا – المرافعات المدنية والتجارية – القاهرة – 1986 – ص 58 .
15. مصطفى العوجي – التأهيل الاجتماعي في المؤسسات العقابية – بيروت – 1993 – ص 18 – 22 ، الشافعي محمد بشير – المرجع السابق – ص 244 – 246 ، غسان الجندي – المرجع السابق – ص 40 .
16. فرج صالح الهريش – النظم العقابية – مصراته – 1992 – ص 21 .
17. الشافعي محمد بشير – المرجع السابق – ص 194 .

https://rglow.forumegypt.net

الرجوع الى أعلى الصفحة  رسالة [صفحة 1 من اصل 1]

صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى