بسم الله الرحمن الرحيم
باسم الشعب
مجلس الدولة
المحكمة الإدارية العليا
بالجلسة المنعقدة علناً برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد محمود الدكرورى نائب رئيس مجلس الدولة. وعضوية السادة الأساتذة / محمد مجدى محمد خليل و عويس عبد الوهاب عويس وعلى عوض محمد صالح وحسنى سيد محمد أبو جبل. المستشارين.
* إجراءات الطعن
فى يوم الثلاثاء الموافق 13/6/1989 أودعت هيئة قضايا الدولة نائبة عن السيد/ محافظ القاهرة بصفته قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 3004 لسنة35 ق عليا طعنا فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى دائرة التسويات (ب) بجلسة 26/4/1989 فى الدعوى رقم 3670 لسنة 41 ق المقامة من ………….. ضد محافظ القاهرة وآخر والذى قضى بقبول الدعوى شكلا وفى الموضوع بأحقية المدعى فى ضم المدة من 19/11/1979 حتى 13/12/1983 الى مدة خدمته وما يترتب على ذلك من آثار ورفض ماعدا ذلك من طلبات وألزمت الجهة الإدارية والمدعى المصروفات مناصفة، وطلب الطاعن للأسباب الواردة بتقرير الطعن الحكم بقبوله شكلا وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء برفض الدعوى وإلزام المطعون ضده المصروفات عن درجتى التقاضى.
وبتاريخ 4/5/1991 أودعت الأستاذة زينب الشامية المحامية عن الطاعن ………. قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 2234 لسنة 37 ق عليا طعنا فى الحكم المشار إليه، طلبت فيه الحكم بقبول الطعن شكلا وبإلغاء الحكم المطعون فيه وباعتبار مدة خدمة الطاعن متصلة ومستمرة اعتبارا من 20/5/1977 حتى 18/11/1979 مع ما يترتب على ذلك من آثار سواء بالنسبة للعلاوات الدورية والترقية وغيرها وإلزام جهة الإدارة المطعون ضدها المصروفات عن درجتى التقاضى.
وأعلن تقرير الطعن قانونا، وقدمت هيئة مفوضى الدولة تقريرا مسببا فى الطعنين ارتأت فيه الحكم بقبولهما شكلا وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبأحقية الطاعن (المدعى) فى حساب مدة خدمته متصلة وفى تدرج مرتبه بالعلاوات الدورية مع ما يترتب على ذلك من آثار وفروق مالية وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وحدد لنظر الطعنين أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة جلسة 9/3/1992 وبجلسة 22/6/1992 قررت إحالتهما الى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الثانية) وحددت لنظرهما جلسة 10/10/1992 حيث نظرتهما على النحو الثابت بمحاضرها حيث استمعت الى ما رأت لروم سماعه من إيضاحات ذوى الشأن وقررت بجلسة 28/11/1992 ضم الطعن رقم 2234 لسنة 37 ق عليا الى الطعن رقم 3004 لسنة35 عليا ليصدر فيهما حكم واحد وحددت لإصدار الحكم جلسة اليوم وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
* المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
ومن حيث الشكل فانه لما كان الحكم المطعون فيه صدر بتاريخ 26/4/1989 وتم إيداع تقرير الطعن رقم 3004 لسنة5 3 ق عليا بتاريخ 13/6/1989 وإيداع تقرير الطعن رقم 2234 لسنه 37 ق عليا بتاريخ 4/5/1991 بعد أن قام الطاعن فى هذا الطعن بإيداع طلب إعفاء من الرسوم قيد برقم 230 لسنة35 بتاريخ 25/6/1989 لسكرتارية لجنة المساعدة القضائية للمحكمة الإدارية العليا التى قررت بجلسة 5/3/1991 قبول الطلب ومن ثم يكون الطعنان تم تقديمهما فى المواعيد المقررة قانونا وإذ استوفيا سائر أوضاعهما الشكلية الأمر الذى يتعين قبولهما شكلا.
ومن حيث ان عناصر المنازعة تخلص – حسبما يبين من الأوراق – فى أن المدعى أقام الدعوى رقم 3670 لسنة 41 ق بإيداع صحيفتها قلم كتاب محكمة القضاء الإدارى بتاريخ 29/4/1987 طالبا فى ختامها الحكم بأحقيته فى العلاوات الدورية والزيادات المقررة قانونا وكذا الترقية خلال فترة الانقطاع عن العمل منذ 20/5/1977 إلى 15/12/1983 على اعتبار أن مدة خدمته متصلة مع تحميل جهة الإدارة المصروفات.
وقال المدعى شرحا لدعواه انه يعمل مدرسا بإدارة غرب القاهرة التعليمية منذ 3/9/1989 ولظروف خارجة عن إرادته انقطع عن العمل اعتبارا من 20/5/1977 ولم تقم الإدارة بإنذاره بل إحالته الى النيابة الإدارية وأقيمت ضده الدعوى التأديبية رقم 560 لسنة 20 ق التى صدر فيها الحكم بجلسة 19/11/1979 بمجازاته بالفصل من الخدمة غير أن هيئة مفوضى الدولة طعنت على الحكم أمام المحكمة الإدارية العليا التى قضت بجلسة 11/4/1984 بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وإعادة الدعوى الى المحكمة التأديبية للعاملين بوزارة التربية والتعليم للفصل فيها مجددا بهيئة أخرى. وبجلسة 27/1/1987 قضت المحكمة التأديبية بمجازاته بالخصم لمدة شهرين من راتبه وكانت إدارة غرب القاهرة التعليمية قد أعادته للعمل بالقرار رقم 497 بتاريخ 15/12/1983 بنفس الأجر الذى كان يتقاضاه قبل انتهاء خدمته ومقداره (65 جنيها) وبعد صدور الحكم الأخير من المحكمة التأديبية فى 27/1/1987 تقدم بطلب فى 21/3/1987 لمساواته بزملائه فى المرتب والدرجات المالية للمعينين فى 3/9/1959 من حيث إضافة العلاوات وإعمال قوانين التسويات بالنسبة له على اعتبار أن مدة خدمته متصلة حكما إلا أن الإدارة لم تحرك ساكنا وانتهى المدعى فى ختام عريضة دعواه الى طلب الحكم له بالطلبات المنوه عنها وردت الجهة الإدارية على الدعوى بمذكرة إدارة شئون العاملين المؤرخة 27/10/1987 جاء بها أن المدعى انقطع عن العمل اعتبارا من 10/5/1977 بعد انتهاء الإجازة التى منحت له لمرافقة زوجته المعارة الى ليبيا وأعيد تعيينه بالقرار رقم 497 بتاريخ 15/125/1983 بنفس الفئة والمرتب الذى كان يتقاضاه وبصدور حكم المحكمة التأديبية بجلسة 27/1/1987 بمجازاته بالخصم لمدة شهرين فقد صدر القرار رقم 27 بتاريخ 14/7/1987 بإلغاء إعادة التعيين بناء على الحكم المشار إليه – وقامت الإدارة بإسقاط مدة الانقطاع من مدة خدمته وحرمانه من الحقوق الوظيفية خلال هذه المدة إذ أنه لم يؤد عملا فيها وأن المدعى أخطر بذلك فى 21/7/1987.
وبجلسة 26/4/1989 حكمت محكمة القضاء الإدارى بقبول الدعوى شكلا فى مواجهة محافظ القاهرة وحده وفى الموضوع بأحقية المدعى فى ضم المدة من 19/11/1979 إلى 13/12/1983 الى مدة خدمته وما يترتب على ذ لك من آثار ورفض ماعدا ذلك من طلبات وألزمت الجهة الإدارية والمدعى المصروفات مناصفة. وقد شيدت المحكمة قضاءها على أن مدة الانقطاع التى لا تحتسب إجازة لا ترتب للعامل أى حق من الحقوق المستمدة من الوظيفة سواء كانت ترقية أو علاوة إذ أنه لم يؤد عملا فيها ولم يرخص له خلالها بإجازة من أي نوع مما قرره المشرع وفى القول بغير ذلك ما يؤدى الى إهدار الأحكام الخاصة بالإجازات واستحقاق العلاوات وشروط الترقية، والمدعى انقطع عن العمل اعتبارا من 20/5/1977 وقدم للمحاكمة التأديبية فى القضية رقم 560 لسنة 20 ق فقضت فى 19/11/1979 بالفصل من الخدمة إلا أن هيئة مفوضى الدولة طعنت على هذا الحكم فقضت المحكمة الإدارية العليا بجلسة 11/4/1984 بإلغائه وإعادة الدعوى للفصل فيه مجددا بهيئة أخرى. وأسست المحكمة الإدارية العليا قضاءها على بطلان الإعلان – وقضت المحكمة التأديبية بجلسة 27/1/1987 بمجازاة المدعى بالخصم لمدة شهرين من راتبه وبنى هذا الحكم على أن انقطاع المدعى عن عمله فى الفترة من 1911/1979 تاريخ صدور حكم المحكمة التأديبية بفصله من الخدمة (الملغى) حتى تاريخ إعادته للعمل فى 13/12/1983 كان انقطاعا لأمر خارج عن إرادته ومن ثم لا يدخل فى مدة الانقطاع لأن فصله كان تنفيذا لحكم المحكمة التأديبية الذى تم إلغاؤه فيما بعد بحكم المحكمة الإدارية العليا لذلك اعتبرت مدة الانقطاع من 19/11/1979 حتى تاريخ عودته للعمل فى 132/12/1983 قد حدثت لأمر خارج عن إرادته.
وتأسيسا على ما تقدم استطردت المحكمة قائلة إن انقطاع المدعى فى المدة من 20/5/1977 إلى 19/11/1979 والتى جوزى بسببها بخصم شهرين من مرتبه كانت بغير عذر فلا تدخل ضمن مدة خدمته ولا يستحق عنها ترقيات أو زيادات أو علاوات دورية، ولا يعد إسقاط هذه المدة من خدمته جمعا لعقوبتين لأن الإسقاط فى هذه الحالة وما يترتب عليه من آثار مرده أنه لم يؤد عملا خلالها يستحق عليه ترقيات أو علاوات أما مجازاته بالخصم من راتبه لمدة شهرين فهو جزاء على إخلاله بواجبات وظيفته وعليه يتعين رفض طلب المدعى حساب مدة انقطاعه عن العمل فى الفترة من 20/5/1977 وحتى 19/11/1979 ضمن مدة خدمته أما عن المدة من 19/11/1979 حتى تاريخ عودته الى العمل فى 13/12/1983 فإن هذه المدة تحتسب ضمن مدة خدمته ويستحق عنها الترقيات والزيادات والعلاوات طبقا لما تقضى به القوانين السارية خلال هذه المدة ولا يخل بذلك تنفيذ حكم المحكمة التأديبية بخصم شهرين من راتبه لأن الانقطاع فى هذه المدة ( الفترة من 19/11/1979 إلى 13/12/1983) كان لأمر خارج عن إرادته).
ومن حيث إن الطعن رقم 3004 لسنة35 ق عليا المقام من محافـظ القاهرة ضـد المدعـى ( المطعون ضده ) يستند إلى مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون والخطأ فى تطبيقه وتأويله إذ أن المطعون ضده لم يضع نفسه تحت تصرف جهة الإدارة إلا فى 13/12/1983 تاريخ عودته للعمل بمناسبة إعادة تعيينه بعد أن تقدم بها وهو أمر جوازى لها لا إلزام عليها فيه ولم يثبت المطعون ضده ما يناقض ذلك ومن ثم فلا حق له فى حساب – مدة الانقطاع ضمن مدة خدمته الفعلية. ولا وجه لما ذهب اليه الحكم من أن جهة الإدارة هى التى حالت به بين المدعى وبين أداء عمله نتيجة الحكم الملغى فهى لم تحل بين المطعون ضده وبين أدائه العمل وعلى فوض امتناعها عن تسليم المدعى عمله فان المبرر القانونى لها إنما كان الحكم الصادر من المحكمة التأديبية بفصله من الخدمة فى 19/11/1979 وأن الجهة الإدارية لم تكن تمتلك إعادة تعيين المدعى الى عمله لالتزامها بتنفيذ الحكم الصادر بالفصل. وأن إسقاط هذه المدة كان تنفيذا لذلك الحكم. كما خالف الحكم المطعون فيه ما استقر عليه من أن الأجر مقابل العمل فإذا لم يؤد العامل عملا وحرمت الجهة الإدارية من خدماته طيلة مدة فصله فانه لا يكون من حقه المطالبة بالأجر عن هذه المدة. والثابت ان المدعى لم يؤد عملا طوال فترة انقطاعه حتى تاريخ عودته فى 13/12/1983 وبالتالى فان طلبه للأجر والترقيات والعلاوات يكون غير قائم على سند صحيح من القانون.
ومن حيث أن الطعن رقم 2234 لسنة 37 ق عليا يقوم على أسباب حاصلها أن الحكم المطعون فيه أخطأ فى تطبيق القانون وتأويله إذ أن المشرع فى القانون رقم 47 لسنه 1978 لم يربط بين استحقاق العلاوة والترقية وبين مباشرة العمل فعلا ومن ثم لا يجوز الاجتهاد فى استحداث شرط أداء العمل لاستحقاق العلاوة أو الترقية عند استيفاء شروط استحقاق أى منهما طالما خلت النصوص من مثل هذا الشرط والأصل فى ذلك أن العلاوة الوظيفية تظل قائمة وترتب آثارها ولا تنتزع مدد منها إلا بنص صريح فى القانون والثابت أن الطاعن انقطع عن عمله اعتبارا من 20/5/1977 حتى 19/11/1979 وقد جوزى عن ذلك الانقطاع بخصم شهرين من راتبه مما لا يجوز معه والحالة هذه إسقاط المدة المذكورة لاستمرار العلاقة الوظيفية خلالها بالجهة الإدارية المطعون ضدها ويترتب على ذلك اعتبار مدة خدمته متصلة بما فى ذلك المدة سالفة الذكر وحسابها ضمن المدد اللازمة للترقية وتدرج المرتب بالعلاوات الدورية وسائر الزيادات وما يترتب على ذلك من آثار وفروق مالية.
ومن حيث إنه يبين من الأوراق أن مقطع النزاع فى الطعنين الماثلين هو بيان مدى أحقية المدعى فى طلبه حساب كامل انقطاعه عن العمل فى الفترة من 20/5/1977 حتى 15/12/1983 تاريخ إعادة تعيينه واستلامه العمل بناء على القرار رقم 197 فى 15/12/1983 ومن بينها الفترة من 20/5/1977 حتى 19/11/1979 التى جوزى عنها بالخصم من مرتبه لمدة شهرين أما الفترة من 19/11/1979 تاريخ صدور حكم المحكمة التأديبية بالفصل من الخدمة ( الذى تم إلغاؤه ) وحتى 15/12/1983 تاريخ إعادة تعيينه فلم تكن محل نظر المحكمة التأديبية عند تقدير الجزاء باعتبارها فترة انقطاع لأمر خارج عن إرادة المدعى بسبب إبعاده عن الوظيفة بموجب حكم الفصل المشار إليه ومن ثم لم تدخل هذه المدة فى مدة الانقطاع التى قدر الجزاء المشار إليه بالنظر إليها.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة جرى على أن علاقة الموظف بالحكومة هى علاقة تنظيمية تحكمها القوانين واللوائح ولا مجال فى استفادة الموظف من المزايا الوظيفية للقياس أو الاجتهاد فى التفسير أمام نصوص واضحة الدلالة.
ومن حيث إن الأوضاع القانونية التى تحكم النزاع الماثل هى أحكام القانون رقم 58 لسنة 1971 بنظام العاملين المدنيين بالدولة التى حدثت واقعة بدء الانقطاع فى ظله (20/5/1977) وذلك حتى العمل بقانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978 حيث أعيد تعيين المدعى اعتبارا من 15/12/1983 وبالرجوع الى النصوص القانونية سواء فى القانون رقم 58 لسنة 1971 أو القانون رقم 47 لسنة 1978 بالنسبة للأحكام الخاصة بالترقيات والعلاوات ومواعيد استحقاقها والجزاءات التأديبية المتعلقة بها يبين أن المشرع لم يربط بين استحقاق العلاوة والترقية وبين مباشرة العمل فعلا ومن ثم لا يجوز الاجتهاد فى استحداث شرط أداء العمل لاستحقاق العلاوة أو الترقية عند استيفاء شروط استحقاق أى منهما طالما خلت النصوص من مثل هذا الشرط إذ يمثل قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة المرجع الذى يحكم علاقة الموظف بالدولة ولا يتأتى سلب حق من حقوق الموظف او إسقاطه عنه أو إلزامه بواجب لا يبيحه نص والقول بعدم حساب مدة انقطاع العامل ضمن المدة المشترطة للترقية أو استحقاق العلاوة هو حرمان من العلاوة والترقية فى غير الأحوال التى يسوغ من أجلها الحرمان بل هو بمثابة الجزاء التأديبى فى غير موضعه وممن لا يملك توقيعه وإنزاله – والأصل فيما تقدم جميعا أنه وطالما أن العلاقة الوظيفية ما فتئت قائمة فلا معدى بعد ترتيب آثارها وإعمال مقتضاها فلا تنتزع مدد منها أو يتهاوى الحق فيها إلا أن يقضى بذلك نص صريح.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن المدعى حاصل على مؤهل المعلمين العامة سنة 1958 وعين مدرسا بخدمة الوزارة بالدرجة الثامنة بتاريخ 3/9/1959 ومنح إجازة لمرافقة زوجته المعارة الى ليبيا وبعد انتهاء هذه الإجازة انقطع عن العمل اعتبارا من 20/5/1977 فلم تعمل جهة الإدارة فى حقه قرينة الاستقالة وتنهى خدمته بسبب هذا الانقطاع وإنما سلكت المسلك الآخر الجائز لها قانونا بأن اتخذت ضده الإجراءات التأديبية خلال الشهر التالى لانقطاعه حيث صدر الحكم التأديبى بفصله ثم ألغى هذا الحكم وصدر حكم بمجازاته بخصم شهرين من مرتبه بدلا من الفصل وكان قد أعيد تعيينه فى 15/12/1983، ومن ثم فانه لا مناص والحالة هذه من اعتبار خدمة المدعى مستمرة ومتصلة طوال فترة الانقطاع من 20/5/1977 جتى 15/12/1983 ولما كانت جهة الإدارة قامت بسحب قرار إعادة التعيين الصادر برقم 497 فى 15/11/1983 بالقرار رقم 17 بتاريخ 14/7/1987 إلا أنها فى ذات الوقت قامت بإسقاط مدة الانقطاع كاملة من خدمة المدعى وهو الأمر الذى يخالف القانون فى صحيحه لأن مقتضى ذلك ولازمه اعتبار مدة خدمة المدعى مستمرة ومتصلة ومنتجة لجميع أثارها خلال المدة من 20/5/1977 حتى 13/12/1983 وذلك سواء فى ضوء أحكام نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 58 لسنة 1971 أو بالقانون 47 لسنة 1978 ومن ثم يغدو ما اتخذته الإدارة من إسقاط مدة الانقطاع المذكورة من مدة خدمة المدعى وما يترتب على ذلك من آثار غير قائم على سند سليم من القانون.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه أخذ بغير هذا النظر مما يتعين معه الحكم بإلغائه والقضاء باعتبار كامل مدة انقطاع المدعى عن العمل فى الفترة من 20/5/1977 حتى 14/11/1983 ضمن مدة خدمة المدعى متصلة بمدة خدمته وحسابها ضمن المدد المشترطة للترقية وما يترتب على ذلك من آثار سواء فى مجال استحقاق العلاوات الدورية والزيادات المقررة قانونا خلال فترة الانقطاع مع تدرج مرتبه على هذا الأساس وصرف الفروق المالية الناتجة عن هذا التدرج اعتبارا من تاريخ استلام العمل فى 25/12/1983.
* فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعنين شكلا وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبأحقية المدعى فى حساب المدة من 20/5/1977 حتى 14/12/1983 ضمن مدة خدمته، وما يترتب على ذ لك من آثار على النحو المبين بالأسباب، وألزمت الجهة الإدارية المصروفات.
باسم الشعب
مجلس الدولة
المحكمة الإدارية العليا
بالجلسة المنعقدة علناً برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد محمود الدكرورى نائب رئيس مجلس الدولة. وعضوية السادة الأساتذة / محمد مجدى محمد خليل و عويس عبد الوهاب عويس وعلى عوض محمد صالح وحسنى سيد محمد أبو جبل. المستشارين.
* إجراءات الطعن
فى يوم الثلاثاء الموافق 13/6/1989 أودعت هيئة قضايا الدولة نائبة عن السيد/ محافظ القاهرة بصفته قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 3004 لسنة35 ق عليا طعنا فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى دائرة التسويات (ب) بجلسة 26/4/1989 فى الدعوى رقم 3670 لسنة 41 ق المقامة من ………….. ضد محافظ القاهرة وآخر والذى قضى بقبول الدعوى شكلا وفى الموضوع بأحقية المدعى فى ضم المدة من 19/11/1979 حتى 13/12/1983 الى مدة خدمته وما يترتب على ذلك من آثار ورفض ماعدا ذلك من طلبات وألزمت الجهة الإدارية والمدعى المصروفات مناصفة، وطلب الطاعن للأسباب الواردة بتقرير الطعن الحكم بقبوله شكلا وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء برفض الدعوى وإلزام المطعون ضده المصروفات عن درجتى التقاضى.
وبتاريخ 4/5/1991 أودعت الأستاذة زينب الشامية المحامية عن الطاعن ………. قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 2234 لسنة 37 ق عليا طعنا فى الحكم المشار إليه، طلبت فيه الحكم بقبول الطعن شكلا وبإلغاء الحكم المطعون فيه وباعتبار مدة خدمة الطاعن متصلة ومستمرة اعتبارا من 20/5/1977 حتى 18/11/1979 مع ما يترتب على ذلك من آثار سواء بالنسبة للعلاوات الدورية والترقية وغيرها وإلزام جهة الإدارة المطعون ضدها المصروفات عن درجتى التقاضى.
وأعلن تقرير الطعن قانونا، وقدمت هيئة مفوضى الدولة تقريرا مسببا فى الطعنين ارتأت فيه الحكم بقبولهما شكلا وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبأحقية الطاعن (المدعى) فى حساب مدة خدمته متصلة وفى تدرج مرتبه بالعلاوات الدورية مع ما يترتب على ذلك من آثار وفروق مالية وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وحدد لنظر الطعنين أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة جلسة 9/3/1992 وبجلسة 22/6/1992 قررت إحالتهما الى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الثانية) وحددت لنظرهما جلسة 10/10/1992 حيث نظرتهما على النحو الثابت بمحاضرها حيث استمعت الى ما رأت لروم سماعه من إيضاحات ذوى الشأن وقررت بجلسة 28/11/1992 ضم الطعن رقم 2234 لسنة 37 ق عليا الى الطعن رقم 3004 لسنة35 عليا ليصدر فيهما حكم واحد وحددت لإصدار الحكم جلسة اليوم وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
* المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
ومن حيث الشكل فانه لما كان الحكم المطعون فيه صدر بتاريخ 26/4/1989 وتم إيداع تقرير الطعن رقم 3004 لسنة5 3 ق عليا بتاريخ 13/6/1989 وإيداع تقرير الطعن رقم 2234 لسنه 37 ق عليا بتاريخ 4/5/1991 بعد أن قام الطاعن فى هذا الطعن بإيداع طلب إعفاء من الرسوم قيد برقم 230 لسنة35 بتاريخ 25/6/1989 لسكرتارية لجنة المساعدة القضائية للمحكمة الإدارية العليا التى قررت بجلسة 5/3/1991 قبول الطلب ومن ثم يكون الطعنان تم تقديمهما فى المواعيد المقررة قانونا وإذ استوفيا سائر أوضاعهما الشكلية الأمر الذى يتعين قبولهما شكلا.
ومن حيث ان عناصر المنازعة تخلص – حسبما يبين من الأوراق – فى أن المدعى أقام الدعوى رقم 3670 لسنة 41 ق بإيداع صحيفتها قلم كتاب محكمة القضاء الإدارى بتاريخ 29/4/1987 طالبا فى ختامها الحكم بأحقيته فى العلاوات الدورية والزيادات المقررة قانونا وكذا الترقية خلال فترة الانقطاع عن العمل منذ 20/5/1977 إلى 15/12/1983 على اعتبار أن مدة خدمته متصلة مع تحميل جهة الإدارة المصروفات.
وقال المدعى شرحا لدعواه انه يعمل مدرسا بإدارة غرب القاهرة التعليمية منذ 3/9/1989 ولظروف خارجة عن إرادته انقطع عن العمل اعتبارا من 20/5/1977 ولم تقم الإدارة بإنذاره بل إحالته الى النيابة الإدارية وأقيمت ضده الدعوى التأديبية رقم 560 لسنة 20 ق التى صدر فيها الحكم بجلسة 19/11/1979 بمجازاته بالفصل من الخدمة غير أن هيئة مفوضى الدولة طعنت على الحكم أمام المحكمة الإدارية العليا التى قضت بجلسة 11/4/1984 بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وإعادة الدعوى الى المحكمة التأديبية للعاملين بوزارة التربية والتعليم للفصل فيها مجددا بهيئة أخرى. وبجلسة 27/1/1987 قضت المحكمة التأديبية بمجازاته بالخصم لمدة شهرين من راتبه وكانت إدارة غرب القاهرة التعليمية قد أعادته للعمل بالقرار رقم 497 بتاريخ 15/12/1983 بنفس الأجر الذى كان يتقاضاه قبل انتهاء خدمته ومقداره (65 جنيها) وبعد صدور الحكم الأخير من المحكمة التأديبية فى 27/1/1987 تقدم بطلب فى 21/3/1987 لمساواته بزملائه فى المرتب والدرجات المالية للمعينين فى 3/9/1959 من حيث إضافة العلاوات وإعمال قوانين التسويات بالنسبة له على اعتبار أن مدة خدمته متصلة حكما إلا أن الإدارة لم تحرك ساكنا وانتهى المدعى فى ختام عريضة دعواه الى طلب الحكم له بالطلبات المنوه عنها وردت الجهة الإدارية على الدعوى بمذكرة إدارة شئون العاملين المؤرخة 27/10/1987 جاء بها أن المدعى انقطع عن العمل اعتبارا من 10/5/1977 بعد انتهاء الإجازة التى منحت له لمرافقة زوجته المعارة الى ليبيا وأعيد تعيينه بالقرار رقم 497 بتاريخ 15/125/1983 بنفس الفئة والمرتب الذى كان يتقاضاه وبصدور حكم المحكمة التأديبية بجلسة 27/1/1987 بمجازاته بالخصم لمدة شهرين فقد صدر القرار رقم 27 بتاريخ 14/7/1987 بإلغاء إعادة التعيين بناء على الحكم المشار إليه – وقامت الإدارة بإسقاط مدة الانقطاع من مدة خدمته وحرمانه من الحقوق الوظيفية خلال هذه المدة إذ أنه لم يؤد عملا فيها وأن المدعى أخطر بذلك فى 21/7/1987.
وبجلسة 26/4/1989 حكمت محكمة القضاء الإدارى بقبول الدعوى شكلا فى مواجهة محافظ القاهرة وحده وفى الموضوع بأحقية المدعى فى ضم المدة من 19/11/1979 إلى 13/12/1983 الى مدة خدمته وما يترتب على ذ لك من آثار ورفض ماعدا ذلك من طلبات وألزمت الجهة الإدارية والمدعى المصروفات مناصفة. وقد شيدت المحكمة قضاءها على أن مدة الانقطاع التى لا تحتسب إجازة لا ترتب للعامل أى حق من الحقوق المستمدة من الوظيفة سواء كانت ترقية أو علاوة إذ أنه لم يؤد عملا فيها ولم يرخص له خلالها بإجازة من أي نوع مما قرره المشرع وفى القول بغير ذلك ما يؤدى الى إهدار الأحكام الخاصة بالإجازات واستحقاق العلاوات وشروط الترقية، والمدعى انقطع عن العمل اعتبارا من 20/5/1977 وقدم للمحاكمة التأديبية فى القضية رقم 560 لسنة 20 ق فقضت فى 19/11/1979 بالفصل من الخدمة إلا أن هيئة مفوضى الدولة طعنت على هذا الحكم فقضت المحكمة الإدارية العليا بجلسة 11/4/1984 بإلغائه وإعادة الدعوى للفصل فيه مجددا بهيئة أخرى. وأسست المحكمة الإدارية العليا قضاءها على بطلان الإعلان – وقضت المحكمة التأديبية بجلسة 27/1/1987 بمجازاة المدعى بالخصم لمدة شهرين من راتبه وبنى هذا الحكم على أن انقطاع المدعى عن عمله فى الفترة من 1911/1979 تاريخ صدور حكم المحكمة التأديبية بفصله من الخدمة (الملغى) حتى تاريخ إعادته للعمل فى 13/12/1983 كان انقطاعا لأمر خارج عن إرادته ومن ثم لا يدخل فى مدة الانقطاع لأن فصله كان تنفيذا لحكم المحكمة التأديبية الذى تم إلغاؤه فيما بعد بحكم المحكمة الإدارية العليا لذلك اعتبرت مدة الانقطاع من 19/11/1979 حتى تاريخ عودته للعمل فى 132/12/1983 قد حدثت لأمر خارج عن إرادته.
وتأسيسا على ما تقدم استطردت المحكمة قائلة إن انقطاع المدعى فى المدة من 20/5/1977 إلى 19/11/1979 والتى جوزى بسببها بخصم شهرين من مرتبه كانت بغير عذر فلا تدخل ضمن مدة خدمته ولا يستحق عنها ترقيات أو زيادات أو علاوات دورية، ولا يعد إسقاط هذه المدة من خدمته جمعا لعقوبتين لأن الإسقاط فى هذه الحالة وما يترتب عليه من آثار مرده أنه لم يؤد عملا خلالها يستحق عليه ترقيات أو علاوات أما مجازاته بالخصم من راتبه لمدة شهرين فهو جزاء على إخلاله بواجبات وظيفته وعليه يتعين رفض طلب المدعى حساب مدة انقطاعه عن العمل فى الفترة من 20/5/1977 وحتى 19/11/1979 ضمن مدة خدمته أما عن المدة من 19/11/1979 حتى تاريخ عودته الى العمل فى 13/12/1983 فإن هذه المدة تحتسب ضمن مدة خدمته ويستحق عنها الترقيات والزيادات والعلاوات طبقا لما تقضى به القوانين السارية خلال هذه المدة ولا يخل بذلك تنفيذ حكم المحكمة التأديبية بخصم شهرين من راتبه لأن الانقطاع فى هذه المدة ( الفترة من 19/11/1979 إلى 13/12/1983) كان لأمر خارج عن إرادته).
ومن حيث إن الطعن رقم 3004 لسنة35 ق عليا المقام من محافـظ القاهرة ضـد المدعـى ( المطعون ضده ) يستند إلى مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون والخطأ فى تطبيقه وتأويله إذ أن المطعون ضده لم يضع نفسه تحت تصرف جهة الإدارة إلا فى 13/12/1983 تاريخ عودته للعمل بمناسبة إعادة تعيينه بعد أن تقدم بها وهو أمر جوازى لها لا إلزام عليها فيه ولم يثبت المطعون ضده ما يناقض ذلك ومن ثم فلا حق له فى حساب – مدة الانقطاع ضمن مدة خدمته الفعلية. ولا وجه لما ذهب اليه الحكم من أن جهة الإدارة هى التى حالت به بين المدعى وبين أداء عمله نتيجة الحكم الملغى فهى لم تحل بين المطعون ضده وبين أدائه العمل وعلى فوض امتناعها عن تسليم المدعى عمله فان المبرر القانونى لها إنما كان الحكم الصادر من المحكمة التأديبية بفصله من الخدمة فى 19/11/1979 وأن الجهة الإدارية لم تكن تمتلك إعادة تعيين المدعى الى عمله لالتزامها بتنفيذ الحكم الصادر بالفصل. وأن إسقاط هذه المدة كان تنفيذا لذلك الحكم. كما خالف الحكم المطعون فيه ما استقر عليه من أن الأجر مقابل العمل فإذا لم يؤد العامل عملا وحرمت الجهة الإدارية من خدماته طيلة مدة فصله فانه لا يكون من حقه المطالبة بالأجر عن هذه المدة. والثابت ان المدعى لم يؤد عملا طوال فترة انقطاعه حتى تاريخ عودته فى 13/12/1983 وبالتالى فان طلبه للأجر والترقيات والعلاوات يكون غير قائم على سند صحيح من القانون.
ومن حيث أن الطعن رقم 2234 لسنة 37 ق عليا يقوم على أسباب حاصلها أن الحكم المطعون فيه أخطأ فى تطبيق القانون وتأويله إذ أن المشرع فى القانون رقم 47 لسنه 1978 لم يربط بين استحقاق العلاوة والترقية وبين مباشرة العمل فعلا ومن ثم لا يجوز الاجتهاد فى استحداث شرط أداء العمل لاستحقاق العلاوة أو الترقية عند استيفاء شروط استحقاق أى منهما طالما خلت النصوص من مثل هذا الشرط والأصل فى ذلك أن العلاوة الوظيفية تظل قائمة وترتب آثارها ولا تنتزع مدد منها إلا بنص صريح فى القانون والثابت أن الطاعن انقطع عن عمله اعتبارا من 20/5/1977 حتى 19/11/1979 وقد جوزى عن ذلك الانقطاع بخصم شهرين من راتبه مما لا يجوز معه والحالة هذه إسقاط المدة المذكورة لاستمرار العلاقة الوظيفية خلالها بالجهة الإدارية المطعون ضدها ويترتب على ذلك اعتبار مدة خدمته متصلة بما فى ذلك المدة سالفة الذكر وحسابها ضمن المدد اللازمة للترقية وتدرج المرتب بالعلاوات الدورية وسائر الزيادات وما يترتب على ذلك من آثار وفروق مالية.
ومن حيث إنه يبين من الأوراق أن مقطع النزاع فى الطعنين الماثلين هو بيان مدى أحقية المدعى فى طلبه حساب كامل انقطاعه عن العمل فى الفترة من 20/5/1977 حتى 15/12/1983 تاريخ إعادة تعيينه واستلامه العمل بناء على القرار رقم 197 فى 15/12/1983 ومن بينها الفترة من 20/5/1977 حتى 19/11/1979 التى جوزى عنها بالخصم من مرتبه لمدة شهرين أما الفترة من 19/11/1979 تاريخ صدور حكم المحكمة التأديبية بالفصل من الخدمة ( الذى تم إلغاؤه ) وحتى 15/12/1983 تاريخ إعادة تعيينه فلم تكن محل نظر المحكمة التأديبية عند تقدير الجزاء باعتبارها فترة انقطاع لأمر خارج عن إرادة المدعى بسبب إبعاده عن الوظيفة بموجب حكم الفصل المشار إليه ومن ثم لم تدخل هذه المدة فى مدة الانقطاع التى قدر الجزاء المشار إليه بالنظر إليها.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة جرى على أن علاقة الموظف بالحكومة هى علاقة تنظيمية تحكمها القوانين واللوائح ولا مجال فى استفادة الموظف من المزايا الوظيفية للقياس أو الاجتهاد فى التفسير أمام نصوص واضحة الدلالة.
ومن حيث إن الأوضاع القانونية التى تحكم النزاع الماثل هى أحكام القانون رقم 58 لسنة 1971 بنظام العاملين المدنيين بالدولة التى حدثت واقعة بدء الانقطاع فى ظله (20/5/1977) وذلك حتى العمل بقانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978 حيث أعيد تعيين المدعى اعتبارا من 15/12/1983 وبالرجوع الى النصوص القانونية سواء فى القانون رقم 58 لسنة 1971 أو القانون رقم 47 لسنة 1978 بالنسبة للأحكام الخاصة بالترقيات والعلاوات ومواعيد استحقاقها والجزاءات التأديبية المتعلقة بها يبين أن المشرع لم يربط بين استحقاق العلاوة والترقية وبين مباشرة العمل فعلا ومن ثم لا يجوز الاجتهاد فى استحداث شرط أداء العمل لاستحقاق العلاوة أو الترقية عند استيفاء شروط استحقاق أى منهما طالما خلت النصوص من مثل هذا الشرط إذ يمثل قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة المرجع الذى يحكم علاقة الموظف بالدولة ولا يتأتى سلب حق من حقوق الموظف او إسقاطه عنه أو إلزامه بواجب لا يبيحه نص والقول بعدم حساب مدة انقطاع العامل ضمن المدة المشترطة للترقية أو استحقاق العلاوة هو حرمان من العلاوة والترقية فى غير الأحوال التى يسوغ من أجلها الحرمان بل هو بمثابة الجزاء التأديبى فى غير موضعه وممن لا يملك توقيعه وإنزاله – والأصل فيما تقدم جميعا أنه وطالما أن العلاقة الوظيفية ما فتئت قائمة فلا معدى بعد ترتيب آثارها وإعمال مقتضاها فلا تنتزع مدد منها أو يتهاوى الحق فيها إلا أن يقضى بذلك نص صريح.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن المدعى حاصل على مؤهل المعلمين العامة سنة 1958 وعين مدرسا بخدمة الوزارة بالدرجة الثامنة بتاريخ 3/9/1959 ومنح إجازة لمرافقة زوجته المعارة الى ليبيا وبعد انتهاء هذه الإجازة انقطع عن العمل اعتبارا من 20/5/1977 فلم تعمل جهة الإدارة فى حقه قرينة الاستقالة وتنهى خدمته بسبب هذا الانقطاع وإنما سلكت المسلك الآخر الجائز لها قانونا بأن اتخذت ضده الإجراءات التأديبية خلال الشهر التالى لانقطاعه حيث صدر الحكم التأديبى بفصله ثم ألغى هذا الحكم وصدر حكم بمجازاته بخصم شهرين من مرتبه بدلا من الفصل وكان قد أعيد تعيينه فى 15/12/1983، ومن ثم فانه لا مناص والحالة هذه من اعتبار خدمة المدعى مستمرة ومتصلة طوال فترة الانقطاع من 20/5/1977 جتى 15/12/1983 ولما كانت جهة الإدارة قامت بسحب قرار إعادة التعيين الصادر برقم 497 فى 15/11/1983 بالقرار رقم 17 بتاريخ 14/7/1987 إلا أنها فى ذات الوقت قامت بإسقاط مدة الانقطاع كاملة من خدمة المدعى وهو الأمر الذى يخالف القانون فى صحيحه لأن مقتضى ذلك ولازمه اعتبار مدة خدمة المدعى مستمرة ومتصلة ومنتجة لجميع أثارها خلال المدة من 20/5/1977 حتى 13/12/1983 وذلك سواء فى ضوء أحكام نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 58 لسنة 1971 أو بالقانون 47 لسنة 1978 ومن ثم يغدو ما اتخذته الإدارة من إسقاط مدة الانقطاع المذكورة من مدة خدمة المدعى وما يترتب على ذلك من آثار غير قائم على سند سليم من القانون.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه أخذ بغير هذا النظر مما يتعين معه الحكم بإلغائه والقضاء باعتبار كامل مدة انقطاع المدعى عن العمل فى الفترة من 20/5/1977 حتى 14/11/1983 ضمن مدة خدمة المدعى متصلة بمدة خدمته وحسابها ضمن المدد المشترطة للترقية وما يترتب على ذلك من آثار سواء فى مجال استحقاق العلاوات الدورية والزيادات المقررة قانونا خلال فترة الانقطاع مع تدرج مرتبه على هذا الأساس وصرف الفروق المالية الناتجة عن هذا التدرج اعتبارا من تاريخ استلام العمل فى 25/12/1983.
* فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعنين شكلا وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبأحقية المدعى فى حساب المدة من 20/5/1977 حتى 14/12/1983 ضمن مدة خدمته، وما يترتب على ذ لك من آثار على النحو المبين بالأسباب، وألزمت الجهة الإدارية المصروفات.